• Print

 

الشيخ حكيم الإسلام محمد طيب القاسمي رحمه الله

رئيس الجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند (من 1348هـ/ 1930م إلى 1401هـ/ 1982م)

هو العالم البارز الكبير الشيخ محمد طيب القاسمي ابن الشيخ الحافظ محمد أحمد القاسمي ابن الإمام حجة الإسلام محمد قاسم النانوتوي، ولد في محرم 1315هـ، الموافق يونيو 1897م في مدينة ديوبند، وتلقى كلا من الدراسة الابتدائية  والمتوسطة  والعليا في العلوم  الشـرعية  في  الجامعة  الإسلامية/ دارالعلوم ديوبند، على الأساتذة البارعين المعروفين بورعهم وصلاحهم وتقواهم ودورهم البطولي في الحركات العلمية والإصلاحية والسياسية، بمن فيهم العلامة محمود حسن الديوبندي المعروف بـ"شيخ الهند"، والمحدث الشهير العلامة سيد محمد أنور شاه  الكشميري،  والمحدث الجليل خليل أحمد السهارنفوري صاحب "بذل المجهود شرح سنن أبي داؤد"، والعلامة محمد إبراهيـم البـليـاوي، والشيخ الفقيه المفتي عزيز الرحمن العثماني الديوبندي، رحمهم الله.

كان حكيم الإسلام محمد طيب القاسمي نسيج وحده في الذكاء والفطنة والتوقد الذهني وحسن الوعي ودقة الإدراك والجهد والتواضع والحب والوفاء، وقد حظي مع ذلك بعطف وشفقة غير عاديين من قبل الأساتذة، الأمر الذي خلق منه رجلاً صاحب المآثر والأمجاد، ورجل المواقف والمغامرات.              

تخرج الشيخ في الجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند عام 1337ه ، الموافق 1918م، وعُرف أيام تحصيله باجتهاده في الدرس، وتأدبه مع الأساتذة، ومواظبته على الدرس، ومحافظته على الصلاة، وحسن السيرة والسلوك، وبروزه على الأقران؛ فكان المركز الأول هو نصيبه في جميع الامتحانات.

وفي العام التالي 1338هـ عُين الشيخ أستاذا بالجامعة، وبدأ يدرس الكتب العلمية المختلفة، ولم تنقطع صلته عن التدريس طوال حياته، وقد اشتهر تدريسه لكتاب "حجة الله البالغة" للشاه ولي الله الدهلوي.

إن الاستعراض السريع الإجمالي لمآثره وإنجازاته هو الآخر يتطلب القسط الكافي من الوقت والجهد، فتطيب الإشارة العابرة إلى بعض مآثره العظيمة:

أ- رئاسة الجامعة الإسلامية/دارالعلوم ديوبند لمدة أكثر من خمسين سنة (من 1348هـ/ 1930م إلى 1401هـ/ 1982م):

رأس الشيخ حكيم الإسلام محمد طيب القاسمي الجامعة الإسلامية/ دارالعلوم ديوبند في هذه الفترة الطويلة، فأُسند إليه منصب النيابة عن رئاسة الجامعة عام 1341هـ، ثم رُقِّي إلى منصب رئاسة الجامعة عام 1348هـ، وبقي على ذلك حتى عام 1401هـ.

ورئاسةُ هذه الجامعة يَصِفُها بعض العلماء الكبار بأنها طريق محفوف بالأشواك لا فراش وثير محلي بالأزهار؛ فإن المسلمين في شبه القارة الهندية يعتبرون هذه الجامعة مرجعاً أكبر فيما يتعلق بالدين والفكر الإسلامي والمواقف الحاسمة تجاه الأحداث، ويتبعون مواقفها وآرائها ومذهبها بقلوب منشرحة، فأدنى خطأٍ في اتخاذ المواقف والخطوات يسبب ذبذبةً هائلةً في المجتمع الإسلامي، مما يجعل علماء الدار لا سيما رئيسها يعيشون على حذر وحيطة.

كان حكيم الإسلام محمد طيب القاسمي رئيساً موفقاً للجامعة، زاد من قدر الجامعة وشعبيتها على الصعيد العالمي، ففي عهده المبارك برزت الجامعة كأكبر جامعة إسلامية أهلية على وجه الأرض، وهب العلماء الكبار يتوافدون إلى الجامعة يسجلون انطباعاتهم العالية تجاه الجامعة، وفي هذا العهد الميمون شهدت الجامعة تطورات علمية وإنجازات بنائية هائلة، فأدخلت تحسينات موسعة في المباني القديمة، وتم بناء عدد من المساجد والمباني الجميلة الرائقة، والبوابات الرشيقة وقاعة الحديث والفصول الدراسية بشكل سار.

وتحت رئاسة الشيخ ذاته نظمت الجامعة المهرجان المئوي المنقطع النظير في تاريخ المهرجانات والحفلات في شبه القارة الهندية،  الذي شارك فيه العلماء الكبار وأعلام الأمة الإسلامية من مختلف أنحاء العالم، بجانب سفراء ووممثلي الدول الإسلامية،وشهد المهرجانَ تجمعٌ إنسانيٌ حاشد يندر تكراره؛ حتى قال عدة علماء كبار: مارأينا لهذا التجمع نظيرا إلا في عرفات يوم النحر.

وكان للمهرجان أثر كبير في التعريف بالجامعة ورجالها وإنجازاتها والفكر الوسطي الذي تتبناه.

ب-حبه للجامعة:

كان الشيخ رحمه الله عميق الصلة بالجامعة، وغارقا في حبها، فكان لايستطيع فراقها لمدة طويلة، مع أنه كان عاش –كمايقال- نحو نصف حياته في الرحلة الدعوية والعلمية والتربوية والسياسية، ولكن الجامعة لاتغيب عن خاطره، مهما ابتعد من ساحتها، وهذا طبيعي؛ ففي ظلال الجامعة نشأ وترعرع، وبلبانها غُذِّي ورُبِّي، وفي فصولها تعلَّم وتربَّى، وفي ساحتها عاش صباه وشبابه وكهوله، وعلى أساتذتها ومشائخها تخرج في العلم والتزكية والإحسان والدعوة والعمل الإسلامي، وإلى تحلية ذوائبها انقطع لمدة نصف قرن وأكثر، فتجذر حب الجامعة في قلبه، وتأصَّل في خاطره.

وظهر هذا الحب العميق للجامعة جليا عند ما تم تقسيم الهند وقامت دولة باكستان، فهاجر بعض أقربائه إلى باكستان، فبعد مدة سافر الشيخ إلى باكستان للقاء أقربائه وذويه، فاجتمع علماء باكستان ووجهاؤها وشعبها ليكيدوا لإقامة الشيخ بباكستان، فألحوا جميعا على الشيخ وحاولوا إقناعه بأكثر من حيلة، لكن الشيخ رفض هذا الاقتراح الناشي عن حبهم للشيخ شديد الرفض، ومن جانب آخر كان أبناؤه في الهند- وعلى رأسهم الشيخ محمد سالم القاسمي- يراسل علماء باكستان ويقنعهم بأن الشيخ لايستطيع فراق الجامعة، وأنه إن نزل على طلبكم ورضي بالإقامة بباكستان، فإنه بعد قليل سيهاجر إلى المدينة المنورة، وستحرم كل من الدولتين هذه الشخصية العظيمة، التي تُعَدُّ فضلا من الله ونعمة على عباده  في  هذا العصر،  فرضي أهل باكستان بعودة الشيخ إلى الهند، وكان جواز السفر قد أُلغيَ، فحاول الشيخ مولانا أبو الكلام آزاد وزير التعليم الهندي آنذاك والشيخ حفظ الرحمن السيوهاروي أمين عام جمعية علماء الهند في إعداد جواز السفر الجديد، فتنفس أهل الهند الصعداء، وعاد الشيخ إلى الهند، وكل ذلك ناشئ عن حبه العميق للجامعة.

ج-نبوغه في الخطابة:

كان حكيم الإسلام محمد طيب القاسمي خطيباً ذلق اللسان قوي العارضة، شديد البرهان، كان يتحدث باستمرار ساعات طويلة كسحابة ممطرة، لا تمل ولا تنقطع، وكان أخطب العلماء في عصره، وأفصحهم على الإطلاق، حتى قيل: انتهت إليه رئاسة الخطابة في عصره.

ومن مزاياه الخطابية أنه كان يجمع بين فقه الفقيه وبلاغة الأديب وحرارة الداعية وروح المربي، وأصالة العالم ورواية المحدث وحسن المؤرخ ودقة المناظر، وترتيب المحاضر، فترى كلماته كأنها كائن حي، أوكأنما هي طائر له أحنجة، أو إنسان له قلب يخفق ولسان ينطق، كما أن خطبه ليست من الخطب الموسمية التي لا تنفك عن مواسم العام، فخطبة عن الهجري وأخرى عن المولد النبوي، وثالثة عن الإسراء والمعراج، وهكذا،لا؛ ولكنها خطب تثبت العقيدة، وتصلح العبادة، وتقوم الأخلاق، وتبين أسس التعامل بين الناس، وتشرح أسرار الشريعة ومرامي الأحكام الإسلامية.

د- مهارته في الكتابة:

كان الشيخ كاتبا رشيقا، سهل الأسلوب، عفوي البيان، فقد ظهر نبوغه في الكتابة في وقت مبكر، كان وثيق الصلة بالقلم، لايفارقه في الحل والترحال، كان ينطق قلمُه إذا سكت لسانه، وكان سلطان قلمه كسلطان لسانه، إذا خطب استمع إليه الحضور بشوق ولهف، وإذا كتب تناولته الأيدي بنهم ورغبة.

وخلف الشيخ حكيم الإسلام أكثر من مائة كتاب علمية دعوية قيمة.

هـ- موهبته الشعرية:

الشعر له وقع حسن ومفعول ساحر في القلوب، يملك الشعر الواحد من التأثير والهزة والإثارة مالا تملكه خطب طويلة وعريضة.

كان الشيخ حكيم الإسلام محمد طيب القاسمي شاعراً مجيداً، بدأ الشعر في أيام الطلب بالجامعة، وكان يقول الشعر باللغات الثلاث: العربية والفارسية والأردية، ومعظم الأبيات باللغة الأردية، كان ينتحل اسم "عارف" في أشعاره، وله عدة دواوين، منها: 1- جنون الشباب، و 2- عرفان عارف، و3-قصة العين، و 4-أمنية دار العلوم، وكلها مطبوع، مما يدل على ذوقة الأدبي وامتلاكه لناصية البيان.

و- مؤهلات القيادة الرشيدة:

كان مع ذلك قائداً سياسياً بارزاً، له مشاركة فعالة في الحركات السياسية، أسس في آخر أيام حياته هيئة الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند، وهي رصيف سياسي مركزي للمسلمين في الهند، يجمع بين الانتماءات والمذاهب الإسلامية المختلفة، ولها مواقف مشكورة في خدمة الإسلام والمسلمين.

توفي الشيخ حكيم الإسلام محمد طيب القاسمي عام 1403هـ، ودفن في المقبرة القاسمية، جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

مؤلفاته:

1-           تعليمات اسلام اور مسيحی اقوام (التعاليم الإسلامية والنصارى)

2-           اسلام كا اخلاقی نظام (النظام الخُلُقي للإسلام)

3-           التشبه في الإسلام.

4-           اسرائيل كتاب وسنت كی روشنی ميں (إسرائيلفيضوءالكتابوالسنة)

5-           اصول دعوت اسلام (مبادئ الدعوة الإسلامية)

6-           انسانيت كا امتياز (المميزات الإنسانية)

7-           ايك قرآن (القرآن الواحد)

8-           حديث رسول كا قرآنی معيار (المعيار القرآني للأحاديث النبوية).

9-           خاتم النبيين- صلى الله عليه وسلم-.

10-        روايات الطيب.

11-        سائنس اور اسلام (الإسلام والعلم).

12-        شان رسالت (مكانة الرسالة).

13-        شہيدكربلااوريزيد (حسينشهيدكربلاويزيد).

14-        علم الغيب.

15-        علماء ديوبند كا دينی رخ اور مسلكیمزاج(علماء ديوبند اتجاههم الديني ومزاجهمالمذهبي).

16-        مسلك علماء ديوبند (مذهب علماء ديوبند).

17-        فلسفہنماز (فلسفةالصلاة).

18-        كلمة طيبة (الكلمة الطيبة).

19-        مقالات طيبة (المقالات الطيبة).

20-        اسلامی آزادی (الحرية الإسلامية).

21-        عالمی مذہب (الدينالعالمي).

22-        مقامات مقدسة (الأماكن المقدسة).

23-        خطبات حكيم الإسلام.

24-        نونية الآحاد.

25-        فلسفةنعمتومصيبت (فلسفةالنعمةوالنقمة).

26-        فتوى دار العلوم اور اس كی حقيقت(حقيقة فتوى دار العلوم).

27-        اسلام اور فرقہواريت (الطائفيةفيالإسلام).

28-        سفرنامہافغانستان (مذكراترحلةأفغانستان).

29-        عرفان عارف (ديوان مطبوع).